الدرس الحادي والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الثاني والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الثالث والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الرابع والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس الخامس والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس السادس والعشرون - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو الدرس السابع والعشرون، وهو الأخير - شرح المقدمة الآجرومية في علم النحو حرمة أكل المال بالباطل - خطب عامة الحياء 1446 - خطب عامة لغة القرآن والحفاظ على الهوية - خطب عامة
إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :566501
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

ومرة أخرى! هل في فلسطين جهاد مشروع؟!

المقال
ومرة أخرى! هل في فلسطين جهاد مشروع؟!
973 زائر
04-02-2024 05:42
أبو حازم القاهري السلفي

ومرة أخرى!

هل في فلسطين

جهاد مشروع؟!

لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فإن العبد الفقير كان قد كتب مقالة، بعنوان: «هل في فلسطين جهاد مشروع؟»، بيَّنتُ فيها من الحجج والبراهين ما يكفي للقطع بأن الجهاد هناك ليس بمشروع، وأيَّدتُ ذلك بما تيسر من أقوال العلماء الأكابر، وكل هذا كان ردًّا على بعض الإخوة، الذين رأوا أن الجهاد هناك مشروع وصحيح.

ولما نُشِرت المقالة؛ ووصلت إلى الأخ المومى إليه؛ سارع بعض أصحابه بنقل كلام آخر للعلماء بشرعية الجهاد في فلسطين، وأن جهاد الدفع لا تشترط له القدرة؛ وأَيَّدَهُمْ الأخ المومى إليه.

والمؤسِف هنا أمران:

الأمر الأول: أن المومى إليه لم يرد على مقالي ردًّا علميا، بل سارع بنقل أقوال الرجال.

وهذا يخالف أصلا مستقرا لدى أهل العلم، وهو أن الحجة تقابَل بمثلها، لا بمجرد أقوال الرجال، فمن تبينت له الحجة الشرعية الصحيحة؛ لم يَحِلَّ له أن يتركها لقول أحد من الناس، وهذه قضية لا تحتاج إلى تقرير، بل هي معلومة بالضرورة، وخصوصا لدينا -معشر أهل السنة-.

الأمر الثاني: أن عامة ما نقلوه إما خارج عن محل النزاع، وإما خطأ واضح من قائله، لا يجوز أن يُتابَع عليه، وإما أن يكون له كلام آخر مخالف، مما نقلتُه أنا في مقالي.

ولْنَتَعَرَّضْ للنقول التي أوردوها، ونبيِّن ما فيها.


* النقل عن الإمام ابن باز رحمه الله:

قال رحمه الله: «لقد ثبت لدينا بشهادة العدول الثقات: أن الانتفاضة الفلسطينية والقائمين بها من خواص المسلمين هناك، وأن جهادهم إسلامي؛ لأنهم مظلومون من اليهود، ولأن الواجب عليهم الدفاع عن دينهم وأنفسهم وأهليهم وأولادهم، وإخراج عدوهم من أرضهم بكل ما استطاعوا من قوة، وقد أخبرنا الثقات الذين خالطوهم في جهادهم، وشاركوهم في ذلك، عن حماسهم الإسلامي، وحرصهم على تطبيق الشريعة الإسلامية فيما بينهم، فالواجب على الدول الإسلامية وعلى بقية المسلمين تأييدهم ودعمهم؛ ليتخلصوا من عدوهم، وليرجعوا إلى بلادهم» اهـ المراد([1]).

قلت: وهذا الكلام يقابله كلام آخر، نقلتُه في مقالي المذكور سَلَفًا.

قال رحمه الله: «أرى أنه لا يمكن الوصول إلى حل لتلك القضية، إلا باعتبار القضية إسلامية، وبالتكاتف بين المسلمين لإنقاذها، وجهاد اليهود جهاداً إسلامياً، حتى تعود الأرض إلى أهلها» اهـ([2]).

قلت: فمجموع كلامه رحمه الله يدل على أن أصل الجهاد في فلسطين جهاد شرعي، وحتى يؤتي ثمرته: لا بد أن يتكاتف فيه المسلمون، ويدعموا إخواننا هناك بما يقدرون عليه.

والسؤال الآن: ماذا لو كان الواقع خلاف ما ذكره الشيخ؟!

كلنا يعلم أن دعم القضية الفلسطينية ليس له أثر يُذكر، فهل يتناول كلام الشيخ هذا الواقع، ويصح تنزيله عليه؟!

لا بد من فهم الكلام في سياقه الواضح، وتنزيله على الصورة التي يتناولها، وأما تنزيله على صورة لم يتناولها؛ فهذا خطأ واضح.

وسنتنزَّل مع المخالف، ونقول: إن الشيخ ابن باز رحمه الله يقِرُّ ما تفعله «حماس» وغيرها، ويرى أن هذا من الجهاد الشرعي الصحيح.

فكان ماذا؟!

قول عالم، يُحتج له، ولا يُحتج به.

* النقل عن الإمام ابن عثيمين رحمه الله:

قال رحمه الله: «نحن -حسب ما سمعنا- أن اليهود قتَّلت الفلسطينيين، وسامتهم سوء العذاب، بعد ما يسمونه بالانتفاضة، والله أعلم هل هي حقيقة واقعة، أو أنه قد غُرِّر بالفلسطينيين ليتحركوا هذه الحركة فيَقضي عليهم اليهود؟ الله أعلم؛ لكن على كل حال؛ الذي يليق بنا: أن نعين هؤلاء على ما هم فيه من المحن والأذى بكل حال، وحسب ما سمعت أن هؤلاء الفلسطينيين الذين في الأرض المحتلة رجعوا إلى الله ۵، وصار فيهم شباب متيقظ كما هو -الحمد لله- موجود في كثير من البلاد، وأنهم تحركوا هذه الحركة حركة إسلامية لا قومية، وإنها إسلامية يريدون أن يتخلصوا من اليهود الذين يحتلون المسجد الأقصى، ومعلوم أنه إذا كانت الحركة حركة إسلامية لإنقاذ البلاد من الكفر، فهو جهاد في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله من وظائف المسلمين، ومن مهمات المسلمين، ولكن لا بد من طريق طويل بالنسبة للفلسطينيين؛ لأنهم عُزَّل، ولا يمكنهم حمل السلاح بواسطة السيطرة القومية من جانب اليهود عليهم، فالمسألة تحتاج إلى ما يسمونه بالتضحيات، وإلى طول نفس ومدة حتى يأتي الله تعالى بالنصر» اهـ([3]).

قلت: هذا الكلام محمول على أن الشيخ رحمه الله يرى أن أصل الجهاد في فلسطين جهاد دفع، وجهاد في سبيل الله، وليس هذا موطنا للنزاع -كما ذكرته في مقالي السابق-.

ويتعيَّن هذا الحمل عندما نطَّلع على الكلام الآخر للشيخ، الذي نقلته في مقالي:

سئل رحمه الله: «بالنسبة لجهاد الدفع قلنا: إنه يتوجّب في جميع الأحوال، حتى ولو كان الإنسان يعني ما يستطيع أنه يجاهد، كما يفعل الآن بالحجارة».

فأجاب: لا، هو تعرف أنه حتى جهاد الدفع دفع عن النفس واجب بأي وسيلة؛ لكن مسألة الفلسطينيّين هذه تحتاج إلى نظر بعيد وتعمّق؛ لأن اليهود إذا قُتِل منهم واحد؛ كم يقتلون؟ نعم؟

السائل: عشرة.

الشيخ: يعني يقتلون عشرة، ويُفسدون أكثر؛ فلهذا لا بد من الحكمة في هذه الأمور» اهـ([4]).

وقال رحمه الله -أيضا-: «يجب على المسلمين الجهاد؛ حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله؛ لكن الآن ليس بأيدي المسلمين، ولا يستطيعون جهاد الكفار، حتى ولا جهاد مدافعة في الواقع» اهـ([5]).

قلت: فهذا نص محكم من الشيخ رحمه الله، لا يحتمل تأويلا، فلا بد أن نَرُدَّ إليه الكلام الآخر الذي نقله المخالف، ولو كان المخالف قد اطلع على الكلام الذي نقلته؛ فلا معنى لإيراد ما أورده من الكلام الآخر.

ومع التنزُّل: فسنقول إن الشيخ رحمه الله يرى مشروعية الجهاد في فلسطين.

فكان ماذا؟!

قول عالم، يُحتج له، ولا يُحتج به.

* النقل عن العلامة صالح اللحيدان رحمه الله:

قال رحمه الله: «أما في دفع العدو الصائل المهاجِم؛ فينبغي أن يتم دفعه ودفاعه، حتى ولو اشترك في الدفاع النصارى المقيمون الذين هم من أهل البلد؛ لأن الدفاع عن البلد إذا قام به من ينفع في الدفاع، أو ينفع، يُنتفع بمشاركته، ويُتضرر بفقده، فينبغي أن تتضافر الجهود على دفع العدو، فنسأل الله أن يدفع هذا العدو الصائل بمصيبة عاجلة» اهـ([6]).

وقال -أيضا-: «جهاد الدفع أن يُهجَم على الناس في بلدهم، يأتي عدو كافر يهجم على الناس، فهذا هو جهاد الدفع، ويجب على كل قادر على الدفاع أن يدافع عن البلد» اهـ([7]).

قلت: وكلامه رحمه الله واضح في حال هجوم العدو على بلد الإسلام، ففي أثناء الهجوم والقتال يُدفع العدو بحسب الإمكان، وهذا ليس موطنا للنزاع، وإنما هو في حال تمكُّن العدو من البلد، واستحواذه عليها، بحيث يصير المسلمون قِلَّة مستضعَفة لا شوكة لهم؛ فهل يتنزل كلام الشيخ على هذه الصورة؟! الجواب واضح.

ومع التنزُّل -أيضا-: فسنقول إن الشيخ رحمه الله يرى مشروعية الجهاد في فلسطين.

فكان ماذا؟!

قول عالم، يُحتج له، لا يُحتج به.

* النقل عن العلامة سليمان الرحيلي -حفظه الله-:

قال رحمه الله: «ما يُدار في الساحة في هذه الأيام من أن القتال في فلسطين -فك الله أسرها، وكب الله عدوها، ودمره بسلاحه، وفرَّج عن أهلها، وحفظ أقصانا وأقصاها، وحفظ أهلها وأهلينا-، أن القتال في فلسطين هذه الأيام قتال دفع وجهاد دفع، وجهاد الدفع لا تُشترط له الشروط، ويكون فرض عين على الأمة، وأنه يجب على كل قادر من شباب الأمة أن يذهب إلى فلسطين ليقاتل هناك، وإن لم يفعل فهو آثم مفرِّط؛ وهذا القول غلط، ومجانب للصواب من جهات:

أما الجهة الأولى: فقولهم: «إن جهاد الدفع لا تُشترط له الشروط»، لا شك أن جهاد الدفع لا تُشترط له الشروط التي لا يمكن تحققها في جهاد الدفع، أما راية ولي الأمر فإنها شرطٌ في الجهاد كلِّه -جهاد الطلب وجهاد الدفع-، ولا يُستثنى من ذلك عند الفقهاء إلا حالة واحدة: إذا داهم العدو طرفًا من أطراف البلاد، وخاف الناس هناك إن انتظروا رأي ولي الأمر أن يدهمهم العدو وأن يستولي العدو على محلِّهم وأن يستأصلهم، فهنا نصَّ الفقهاءُ على أنهم يدفعون عن أنفسهم.

بل إني أذكر لكم شيئًا عجيبًا: إن الإمام أحمد -رحمه الله عز وجل- لما ذُكِرت له هذه الصورة المستثناة: هل يجوز لأهل الثغر هؤلاء أن يدفعوا عن أنفسهم بدون راية ولي الأمر؟ قال: أرجو، ولم يقل: يجوز، أو نحو ذلك، وذلك لأن النصوص الشرعية دالةٌ على أن الجهاد إنما يكون تحت راية ولي الأمر، ولمَّا كانت هذه الحالة مستثناة للضرورة، قال الإمام أحمد رحمه الله: «أرجو»، أرجو أن يجوز هذا، ولم يجزم لمكانة النصوص العامة في مثل هذا الأمر.

فإذا كان يمكن الرجوع إلى ولي الأمر في أي جهاد، فإنه لا يجوز تخطِّيه، ولا يجوز ترك رايته» اهـ([8]).

قلت: قوله: «لا شك أن جهاد الدفع لا تُشترط له الشروط التي لا يمكن تحققها
في جهاد الدفع» إن أراد به عدم اشتراط القدرة والاستطاعة؛ فهذا خطأ من الشيخ -حفظه الله-، لا يُتابَع عليه، وقد ذكرتُ في مقالي السابق من الأدلة وكلام أهل العلم ما يكفي في تقرير المسألة.

وأما اشتراط إذن ولي الأمر؛ فهذا قد يكون حجة على المخالف، من جهة أن ما تفعله «حماس» وغيرها ليس بإذن ولي أمرهم، الذي هو -من الناحية الرسمية- الرئيس محمود عباس، والعبرة في ثبوت الإمامة كما قال الإمام أحمد رحمه الله: «حتى صار خليفة، وسُمِّي أمير المؤمنين»، فالمفروض أن جميع الفصائل الفلسطينية تَنْضَوي تحت إمرة الرئيس محمود عباس.

وبكل حال، لو كان في كلامي هذا مخالفة للواقع هناك؛ فلا بأس، ونحن باقون على موطن النزاع بيننا.

هذا هو جميع ما أورده المخالف من نقول عن أهل العلم، وقد عرفتَ ما فيها.

ولو كان المخالف يريد إثبات أن المسألة خلافية اجتهادية؛ فمتى كان الخلاف نِدًّا للأدلة والبراهين؟!

إن أهل العلم لو اختلفوا في مسألة؛ فليس قول بعضهم حجة على بعض، ووجب الرجوع إلى الأدلة التي تؤيِّد أحد الأقوال، ولا يجوز الاحتجاج بمجرد الخلاف بين العلماء.

وأذكِّر إخواني بمسألة الانتخابات، والعمل السياسي المعاصر؛ أَلَسْنَا نعلم جميعا أن الأكابر من أهل العلم قد أفتوا بجواز المشاركة؟ ومع هذا؛ فقد أجمعنا على عدم الأخذ بقولهم، وقلنا: أرادوا بكلامهم صورة لا تتحقق في الواقع، فلا يجوز تنزيل كلامهم على الموجود في الواقع.

فكذلك الأمر في مسألتنا، وموطن النزاع واضح وصريح: جهاد الدفع مشروط بالقدرة والاستطاعة، ولا بد من التفريق بين حال هجوم العدو، وحال تمكُّنه من البلد، ولا بد من مراعاة المصالح والمفاسد، فالمفاسد التي تلحق بالعدو من جَرَّاء تلك الهجمات التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية: لا يمكن مقارنتها بالمفاسد التي تحصل للمسلمين المستضعفين.

فالأدلة والقواعد الشرعية تقطع بعدم مشروعية الجهاد في فلسطين، والخلاف في ذلك -إن وُجد- خلاف غير سائغ، ومعلوم أن الخلاف غير السائغ هو ما كان فيه خلاف للدليل المحكم الذي لا يقبل التأويل، وكل من اطلع على أدلة مسألتنا، وكان عاقلا منصفا؛ فإنه لا يسعه إلا الإقرار بقولنا.

فالواجب على جميع إخواننا أن يلتزموا بهذه القواعد الشرعية، ويتجرَّدوا للدليل والحجة، ويتجنبوا مواطن الفتن والشقاق.

نسأل الله أن يهدينا جميعا لما اختُلف فيه من الحق بإذنه، ويثبتنا على الحق حتى نلقاه، ويجنِّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه

أبو حازم القاهري السلفي

السبت/ 22 رجب/1445

([1]) مجلة الدعوة الصادرة في 9/8/1409هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: 4/ 295).

([2]) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لابن باز (1/ 277).

([3]) فتاوى الحرم المكي-1408-الشريط 13 الوجه ب.

([4]) صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير والإمارة-الشريط 9 الوجه ب.

([5]) «لقاءات الباب المفتوح» (33/16).

([6]) مقطع على اليوتيوب، على هذا الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=3R4PSGSwdNg

([7]) مقطع على اليوتيوب، على هذا الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=b5psHLnPNbY

([8]) مقطع على اليوتيوب، على هذا الرابط:https://www.youtube.com/watch?v=11nP2KmYp_Q

   طباعة 
0 صوت
روابط ذات صلة
المقال السابق
المقالات المتشابهة المقال التالي