هل رجعتُ عن منهجي؟!
وتحولتُ مميِّعًا؟!
لتحميل المقالة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فإنني كنت كتبت مقالة بعنوان: «كيف تتعامل مع المخالفين في واقع الغربة والاستضعاف»([1])، قلت فيه مخاطبًا الداعية السلفي:
1- إذا كنت تجادل أشعريا أو صوفيا -مثلا-، ورأيتَ أن ذكر مثل ابن تيمية رحمه الله قد يشوِّش عليك؛ فاذكر من يكون له قبول عند خصمك، كالنووي رحمه الله.
2- وإن كنت ترد على شخص مبتدع؛ فلا تصرح بأنه مبتدع.
فبلغني أن هناك من عاب ذلك! وعدَّه «ميوعةً»!!
ولست أقصد المبهم بالرد، عرفتُه أم لا، ومع وضوح الكلام -بسياقه، ومقام الخطاب فيه-، إلا أنه لا بأس بمزيد توضيح.
فأقول:
أما العبارة الأولى؛ فالمراد بها بيِّنٌ، والعبرة بإيصال الحق، والحرص على هداية الخلق، فمن رأيتَه ملبَّسًا عليه، قد لُقِّن أن ابن تيمية رحمه الله -مثلا- مجسِّم! تكفيري! لا يُقبل منه في التوحيد حرف! فإنك تبين له أن ابن تيمية ليس منفردا باعتقاده هذا، بل الإمام الفلاني يثبت الصفات كما يثبتها ابن تيمية، والعالم الفلاني يقول إن صرف العبادة لغير الله شرك كما يقوله ابن تيمية، فتأتيه مباشرة بأقوال هؤلاء، ولا تصرح بذكر ابن تيمية -من أول الأمر-.
وأكثر ما يُتصور هذا: في مقام دعوة الشباب، وطلاب الجامعة، الذين هم على ما وصفتُ حالهم، والسلفي يحتاج إلى هذا كثيرا معهم، عندما يبدأ في دعوتهم ومناقشتهم: يذكر لهم أولًّا كلام السلف والعلماء.
فهل هذا الأسلوب فيه عيب؟!! أو يأباه عاقل؟!!
وأما من صرَّح بالقدح في ابن تيمية رحمه الله؛ فهذا -لا جَرَمَ- يُرَدُّ عليه، ويُذب عن الإمام رحمه الله بالحق.
وللفائدة: فقد ذكرتُ النووي في مقالي المحال عليه، وكان هذا مقصودا؛ فإن القبوريين يدَّعون أن ابن تيمية رحمه الله هو المتفرد بأن من صرف العبادة لغير الله فهو مشرك -وإن كان لا يعتقد فيه الربوبية-، ويقررون أنه لا يكون مشركا حتى يعتقد فيه الربوبية؛ وهذا خلاف كلام العلماء، ومنهم: النووي -وهم يعظِّمونه-، وقد نصَّ على أن الصورة المذكورة شرك أكبر -من غير اعتقاد ربوبية-، فراجع كلامه([2]).
وأما العبارة الثانية؛ فكلامي هو في «واقع الغربة والاستضعاف»، عندما يريد الداعية السلفي أن ينشر دعوته، ويبين للناس السنة، ويصرفهم عن البدعة وأهلها، أو كان يدعو مسلما بصورة خاصة، وكان متأثرا ببعض مشايخ البدعة؛ فلا يصح -ابتداء هكذا- أن يقول: فلان مبتدع! وخصوصا إذا كان هذا المبتدع له وجاهة وقبول عند الناس عموما، أو عند ذلك المعين خصوصا.
فهل هذه الطريقة تعاب؟!! أو يرفضها عاقل؟!!
وأما في غير المقام المذكور؛ فالأمر يختلف، كالشأن بالنسبة لنا نحن: قد صِحْنا بتبديع القطبيين -مثلا- منذ سنين عددا، واستقر الأمر على هذا، وعُرف عنا ذلك؛ فكيف أقول: إننا لو سئلنا عنهم -مثلا- لا نصرح بتبديعهم؟! وهل السكوت الآن يغير من الأمر شيئا؟!
وكذلك من واجَهَنا منهم، فقال: أنتم تبدعون أهل السنة! فهذا لا نتهرب منه؛ لأن هذا منهجنا، وهو الحق، لا مداهنة فيه، فإن كان المعترض طالب حق؛ عرَّفناه أن التبديع حكم شرعي -كالتكفير-، له قواعده وضوابطه، والشخص الفلاني -عندنا- مبتدع؛ لأن الأمر كذا كذا، والدليل كذا وكذا؛ فإن قَبِل، وإلا فشأنَه.
فهذا مرادي، وهو واضح لكل من اطلع على كلامي، وبرئ من الهوى والشَّنَآن.
ثم أنتقل إلى الأهمِّ، فأقول:
إنني -بحمد الله- لم أرجع عن مواقفي من المخالفين، ولم أتراجع عن تبديع أحد بدَّعتُه، فضلا عن الرجوع عن الردود -نفسها-، وقد يرى من يتابعني أنني لا زلت مشتغلا بالردود، وأرجو أن يثبتني الله ۵ على هذا الأمر، وأن يجعل لي نصيبًا من الذب عن السنة، وأن يتقبل مني، ويعفو عني.
إنما القضية في الشدة فقط، رأيتُ أن تركها الآن خير، وأحسن تأويلا، كما في ردِّي الأخير على الحوالي في «ظاهرته»([3]).
على أنني قد أعود إلى الشدة، فبين يديَّ الآن تسويد لمجرم أثيم مرتدٍّ عن السلفية، يستحق النكال والتدمير، أسأل الله أن يعينني على الرد عليه.
وهذا آخر ما عندي في هذا الموضوع.
أسأل الله أن يبصِّرنا بالحق، ويثبِّتنا عليه.
كتبه
أبو حازم المصري السلفي
22/ربيع الآخر/1447
([1]) على هذا الرابط:
https://t.me/abuhazemsalafi/4481
([2]) «روضة الطالبين» (3/205/ط. المكتب الإسلامي).
([3]) على هذا الرابط:
https://t.me/abuhazemsalafi/5367
|