البيان ال"/>
إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :539994
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

تفريغ الخطبة الخامسة من البيان الرفيع لدين الرافضة الشنيع

المقال
تفريغ الخطبة الخامسة من البيان الرفيع لدين الرافضة الشنيع
3215 زائر
20/04/2013
أبو حازم القاهري السلفي

البيان الرفيع

لدين الرافضة الشنيع

(الخطبة الخامسة)

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].

أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله -تعالى-، وخير الهُدى هدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فقد تعرفنا -إخوة الإسلام- على نشأة الشيعة الروافض، وتبين لنا أن نشأتهم كانت بقصد الطعن في دين الإسلام والقضاء عليه، وأنهم سعوا لتحقيق ذلك ببث المعتقدات الباطلة، وإيقاد نار الفتنة بين الصحابة -خاصّة- والمسلمين -عامة- فكانت خطتهم تشمل تدمير الدين والدنيا جميعًا.

وبهذا ينتهي كلامنا على المبحث الأول من المباحث الثلاثة العامّة، التي تقرّر -من خلالها- عرض قضية الرافضة.

وهذا أوان الشروع في المبحث الثاني، وهو: الكلام على دين الرافضة ومذهبهم.

وأول ما نتكلّم فيه من ذلك: الكلام على مراجعهم وأصولهم، التي يستمدّون منها دينهم؛ وذلك أن الدين -عمومًا- لا بد له من مصادر ومراجع، يستند إليها ويقوم عليها، فلا بد من التعرّف على هذه الأشياء أولاً قبل التعرّف على تفاصيل المعتقدات والمذاهب.

وقد آثرتُ أن تكون خطبة اليوم بمثابة مقدمة تمهيدية تذكيريّة بمصادر التلقي -عند أهل الإسلام والسنّة والجماعة-؛ حتى يعرفها المسلمون ويوقنوا بها، ويعرفوا خطورة الرافضة -ابتداءً- من خلال موقفهم منها.

فدين الإسلام -إخوة الإسلام- لا بد له من مصادر ومراجع، لا يجوز لأحد من المسلمين أن يتخطاها ولا يخالفها؛ وذلك أن الله -سبحانه وتعالى- وحده هو المنفرد بالحكم والتشريع، فإذا أراد أحد أن يدين الله بشيء أو يتقرّب له بشيء؛ فلا بدّ له من معرفة حكمه وشرعه وقضائه؛ حتى يلزمه ولا يجاوزه؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- هو خالقنا وفاطرنا، وهو إلهنا ومعبودنا، ليس لنا إله ولا معبود سواه، فمن حقه علينا أن لا نتقرب إليه إلا بما يحبه ويرضاه، ولا يُعرف ذلك إلا بمعرفة نفس ما يحبه ويرضاه، وذلك من خلال حكمه وشرعه، فلا يجوز لأحد أن يخالف شرع الله، ولا يجوز لأحد أن يتخذ مصدرًا يباين المصادر التي ارتضاها الله -سبحانه وتعالى-، وأمر المسلمين أن يتمسّكوا بها.

فلا حكم إلا لله، ولا شرع إلا لله، ولا قضاء إلا لله؛ فإنه القائل -سبحانه وتعالى-: ﴿ إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ ﴾ [الأنعام: 57]، وهو القائل: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 10]، وهو القائل: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾ [النساء: 59]، وهو القائل: ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ [الرعد: 41]، وهو القائل : ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]، وهو القائل: ﴿ وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116], وهو القائل: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59]، وهو القائل: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153]، وهو القائل: ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3].

وقد أكّد النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الحقيقة في أحاديث كثيرة معروفة؛ كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد»، وقوله -صلى الله عليه وسلم- : «كل بدعة ضلالة»، وقوله -صلى الله عليه وسلم- «وستفترق هذه الأمة على ثلاثين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة»، قيل:« من هي؟»، قال: «الجماعة».

فلا معدل لمسلم عن هذا الصراط المستقيم والطريق القويم، لا يجوز له أن يحدث في دين الله شيئًا بغير إذن من الله، ولا يجوز له أن يتقرّب لله بشيء من غير شرع من الله؛ هذه قاعدة كليّة، وهذا أصلٌ عام، لا بد من فهمه أولاً؛ حتى تتضح لنا الصورة.

فإذا عرفتَ ذلك، فاعلم أنه هناك أربع مصادر، اتفق عليها علماء الإسلام -سوى من شذّ-، تُستقى منها الأحكام الشرعية والقواعد المرعيّة، ولا يُتقرب لله تعالى بشيء ولا يُدان له بشيء إلا من خلالها.

فأما أولها وأصلها وأعظمها؛ فهو القرآن: كتاب الله المجيد، ووحيه العظيم، وتنزيله الكريم، الذي أنزله على قلب عبده ورسوله ومصطفاه محمد -صلى الله عليه وسلم-، بلسان عربي مبين، لا اعوجاج فيه ولا ميل، فيه نبأ من قبلنا، وخبر من بعدنا، وحكم ما بيننا، من تمسّك به كان من أهل السداد والرشاد، ومن ضلّ عنه كان من أهل الزيغ والانحراف.

فهو أصل المصادر وأمها وأجلُّها، وهو الذي يشتمل على الهداية والنور، والذي فيه مصالح الخلق وسعادتهم وفلاحهم؛ وكيف لا؟! وقد قال فيه الله تعالى : ﴿ ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، وقال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41-42]، وقال تعالى : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجاً * قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ ﴾ [الكهف: 1-2]، وقال تعالى : ﴿ قُرْآناً عَرَبِياًّ غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ﴾ [الزمر: 28]، وقال تعالى : ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم: 1]، وقال تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48]، وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾ [فصلت: 44].

إنه كتاب الله -عز وجل-؛ ما أعظم ما فيه من الهداية! وما أعظم ما فيه من البركة! وما أعظم ما فيه من المصالح والسعادة والفلاح للخلق!

فمن أراد الرشاد فعليه بالقرآن، ومن أراد السداد فعليه بالقرآن، ومن أراد الحق والهدى والصواب فعليه بالقرآن.

إنه كتاب الله -عز وجل- ووحيه وتنزيله وكلامه، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.

هذا هو أول المصادر وأعظمها وأجلها، لا بد أن تؤخذ منه الأحكام والعقائد وأمور الديانة، ولا تجوز مخالفته أبدًا.

ويعتقد أهل الإسلام في هذا القرآن المجيد: أنه محفوظ بحفظ الله، لا يتطرق إليه خلل ولا نقص ولا عيب ولا تحريف ولا غير ذلك أبدًا؛ قال فيه الله -عز وجل-: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، يتعهد الله -عز وجل- بنفسه بحفظ هذا القرآن العظيم؛ فكيف يُدَّعى فيه -من بعد- أنه زِيدَ فيه، أو نُقص منه، أو حُرّف لفظه أو معناه، أو تطرّق إليه خلل أو عيب؟! كيف يدّعي ذلك شخصٌ آمن به حق الإيمان، وعرف أنه تنزيل الله تعالى وكلامه ووحيه؟!

والله -عز وجل- يقول في حق من أُنزل عليه القرآن محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [الحاقة: 44-47]، وقد تكرر هذا المعنى في آيات عدة؛ فإذا كان الرسول نفسه -صلى الله عليه وسلم- لا يُسمح له أن ينتقص شيئا من القرآن -وحاشاه-؛ فكيف بمن دونه؟! أفيسمح الله -عز وجل- لهم بذلك؟! أم يقرهم عليه؟! أم يدعهم هكذا دون عقوبة وبيانا لشأنهم؟!

فأهل الإسلام يعتقدون أن هذا القرآن -الذي هو أصل المسلمين، ومرجع دينهم- محفوظ بحفظ الله -عز وجل-، لا يتطرّق إليه تحريف ولا خلل ولا عيب.

ويعتقد أهل الإسلام أن تفسيره لا يكون إلا على جادّة الإسلام ولغة العرب؛ فإنه إنما نزل بلسان عربي مبين؛ حتى نعقله ونفهمه، ونتبين ما فيه من الهدى والبيان، فلا يكون معناه إلا موافقًا للغة العرب، ولا يكون تفسيره إلا ملائمًا للسان العرب، فلا يجوز العدول به عن ذلك.

وآياته تنقسم إلى محكمات ومتشابهات: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ [آل عمران: 7]، فالمحكم هو: الواضح البيّن، والمتشابه هو: المحتمِل؛ فما كان من متشابه فإنه يُردّ إلى المُحكم، لا يجوز العدول به عن هذه السبيل، ولا يجوز حمله على معنىً موحش غريب، لا يلائم لغة العرب، ولا يلائم المعقول والفطرة السليمة.

هذه جادّة أهل الإسلام، وهذه عقيدتهم في هذا القرآن المجيد.

فكيف بالرافضة، الذين اتخذوه وراءهم ظهريًا، وادّعوا فيه التحريف والنقص، ولم يلتفتوا إليه جملة؛ اعتمادًا على ما عندهم -بزعمهم- من مصحف فاطمة، الذي كُتب بخط عليٍّ، والذي يتوارثه الأئمة واحدًا تلو واحد، حتى يأتي به قائمهم الغائب النكرة، الذي لا وجود له.

وكيف بهم وقد حرّفوا ألفاظه ومعانيه، ففسروها على غير لغة العرب، وعلى غير ما يلائم لسانهم، وعلى غير القواعد التي توافق العقل والفطرة -كما سنعرف كل هذا إن شاء الله تعالى-.

أفيليق بمسلم أن يقول هذا أو يعتقده؟! هذا مباين لاعتقاد المسلمين، هذا مخالف لاعتقاد الحنفاء، الذين يقولون حقًا: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله».

فهذا أول مصدر -أيها المسلمون-: القرآن العظيم، وهذا شيء من مكانته وشرفه، وما فيه من الهدى والنور، وهذا اعتقاد أهل الإسلام فيه؛ فلا يجوز مخالفة ذلك.

ثم يأتي -من بعد ذلك- المصدر الثاني، الذي هو شقيق القرآن وقرينه، لا يفارقه ولا يخالفه ولا يتميّز عنه أبدًا -من حيث الاحتجاج والاعتماد-؛ ألا وهو: السنة، سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، العبد المطهّر المكرّم، والرسول المعظم، الذي اصطفاه ربه -عز وجل- لتبليغ هذه الرسالة العظيمة إلى الناس.

فمن شرفه ومكانته: أن الله -سبحانه وتعالى- أمر بطاعته، وجعل له حق البيان والتبليغ لأمته، فلا بد من الاحتجاج بكلامه -كما يُحتج بكلام ربه-، لم يجعله الله -عز وجل- مجرد واسطة لتبليغ القرآن إلى الناس -من غير زيادة عليه-؛ بل اختصه من وحيه بزيادة، وهي: السُّنّة.

فالسُّنّة وحي من الله -كما أن القرآن وحي من الله-؛ يقول الله -عز وجل-: ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3-4]، ويقول تعالى: ﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [النساء: 113]؛ والحكمة: السُّنّة، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «ألا إني أوتيتُ القرآن ومثله معه».

فالسُّنّة وحي من الله، ليست من تلقاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا من هواه ورأيه واستحسانه؛ فلا بد أن يُحتجّ بها ويُرجع إليها -كما يُصنع مع كتاب الله سواء-.

وقد تكلمنا على هذا مفصلا -ولله الحمد- في الخطب التي عرضنا فيها لقضية «الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع»، وذكرنا أمر الله -تعالى- بطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- في أكثر من ثلاثين موضعًا في كتابه؛ فتذكروا هذا، واعرفوه واعقلوه، واستصحبوه دومًا في مقامنا هذا.

فالسّنة هي المصدر الثاني: لا بد من الرجوع إليها، واستسقاء الأحكام والعقائد منها؛ هكذا اعتقاد أهل الإسلام أيضًا، فأهل الإسلام لا يكتفون بالقرآن، ولا يستغنون عن السنة؛ بل يضمون السنة إلى القرآن، ويحتجون بهما جميعًا.

والسنة تشمل كل ما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثبت عنه، على قواعد النقل السديدة الرشيدة المستقيمة، التي نظّر لها أئمة هذا الفن وكبراؤه وعلماؤه، الذين أجمعت الأمة على درايتهم وعلمهم؛ فوضعوا القواعد السديدة المنضبطة، التي يميز بها المنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويُعرف ما صح مما لا يصح، وما قاله مما لم يقله.

وهذا من مقتضيات حفظ الله تعالى لهذا الدين؛ كما بيّن غير واحد من العلماء: أن الذكر في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9] يشمل السنة أيضا؛ فإن السنة وحي -كما أشرنا-، ولا يجوز حفظ بعض الوحي دون بعض؛ بل لا بد من حفظه جميعًا، فحفظ القرآن يستلزم حفظ السنة؛ لأن الكل وحي من الله -عز وجل-.

فمن نعمة الله تعالى علينا: أننا نعرف كلام نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ونميّزه ونضبطه، ونعرف ما قاله مما لم يقله؛ فكل ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- على هذه القواعد المحكمة؛ فلا بد من الأخذ به، سواء كان في العقيدة أم العمل، سواء كان بنقل أهل التواتر أم بنقل أهل الآحاد؛ لا بد من الأخذ بهذا بكله، ولا يجوز مخالفة شيء منه أبدًا.

ومن لوازم ذلك: القول بتعديل الصحابة، واعتقاد فضلهم ومكانتهم، وأنهم النقلة العدول الثقاة المأمونون، الذين ارتضاهم الله -عز وجل- لتبليغ القرآن والسنة إلى الناس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فالقرآن إنما بلغه عنه الصحابة، والسنة إنما بلغتها عنه الصحابة، فلا يستقيم لنا القرآن ولا السنة من دون تعديل الصحابة؛ وقد تكلمنا في هذا أيضًا كثيرا -ولله الحمد-.

فهذا هو اعتقاد أهل الإسلام في السنة -كمصدر ومرجع تستقى منه الأحكام في دين الله عز وجل-.

فكيف بالرافضة، التي نبذتها أيضًا واتخذتها ظهرياً، من خلال تكفير الصحابة وتفسيقهم؛ يقولون: إن جُلَّ الصحابة كفروا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّوا، وغيرّوا وبدلوا، وكتموا وزادوا ونقصوا؛ فهل يقبل قرآن -والحال هكذا-؟! وهل تقبل سنة -والحال هكذا-؟! فضيعوا السنة، ولم يأخذوا منها بشيء؛ إلا من وافق أهواءهم، يفسرونه على نحو كفرهم وضلالهم ومذهبهم الشنيع، الذي لا أصل ولا حقيقة له.

هكذا موقفهم من السنة -كما سنعرفه أيضًا -إن شاء الله تعالى-؛ فاحذروا شأنهم، واحذروا دينهم، وعليكم بدينكم؛ عليكم بكتاب ربكم، وسنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم-؛ ترشدوا، وتفلحوا، وتكونوا من المهتدين.

أسأل الله أن نكون هكذا؛ أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

* الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الحقّ المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر الثالث -إخوة الإسلام- من مصادر التشريع -عند أهل الإسلام- هو: الإجماع؛ إجماع أهل العلم، أهل الحل والعقد من العلماء الأكابر، الثقات المأمونين، المجتهدين الراسخين الربانيين؛ فإذا اتفقوا على شيء فهو حجة، وإذا أجمعوا على شيء فهو حق، لا يجوز خلافه أبدًا.

والأصل في ذلك: كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-:

يقول الله -عز وجل-: ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ﴾ [النساء: 115]، فتأمل كيف رتب الله -عز وجل- الضلال على مخالفة سبيل المؤمنين -كما رتبه على مخالفة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم-، فلو كانت المخالفة مقصورة على مخالفة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لما كان لذكر سبيل المؤمنين هنا فائدة.

ويقول الله -عز وجل-: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، فرتب الله -عز وجل- خيرية الأمة على أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر؛ فهل يتحقق ذلك مع كون الضلال واقعًا في مجموعها؟! لو كان يجوز أن تتفق الأمة على ضلالة؛ لما كانت خير أمة، ولما صدق عليها أنها أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر؛ فالآية دليل على صدق إجماعها، وأنه لا يكون إلا على الحق والهدى.

ويقول -تعالى- أيضًا : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ﴾ [البقرة: 143]؛ فهل تتحقق الوسطية، وهل تتحقق شهادة الأمة على ما سواها من الأمم -إذا كان يجوز لها أن تتفق على باطل أو ضلال؟!

وكذلك كل نص في الكتاب والسنة يأمر بالجماعة والائتلاف، وينهى عن التفرق والاختلاف؛ فإن الأمر بالجماعة يستلزم التمسك بما أجمعت عليه الأمة -من قول أو عمل-؛ لأنه داخل في مسمى الاجتماع -من غير شك-؛ كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: لا يكون المقصود لزوم جماعة الأبدان؛ فإن هذا متعذر، فلا بد أن يكون المقصود جماعة الاعتقاد والعمل.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول صراحة -كما ثبت عنه-: «لا تجتمع أمتي على ضلالة»، وإذا كان -صلى الله عليه وسلم- قد قال في حق طائفة من الأمة: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»؛ إذا كان هذا في حق طائفة من الأمة؛ فكيف بمجموع الأمة؟!

فإجماع الأمة حق وسداد ورشاد، وهدى وصواب؛ لا يجوز خلاف ذلك أبدًا.

ونعني بالمجمعين -كما أشرتُ إليه- أهل العلم، أهل الحل والعقد من الراسخين المجتهدين؛ ولا يكونون كذلك إلا إذا حققوا صفات العلماء -التي سبق الكلام عليها أيضًا في مواطن أخرى-، فلا يكونون من أهل الكذب، ولا الفسوق، ولا الدس في دين الإسلام، ولا الطعن في القرآن والسنة، ولا الابتداع في دين الله -عز وجل-؛ لا يكون من اتصف بشيء من ذلك ممن نتكلم عليهم في أهل الإجماع أبدًا.

فيدخل في أهل الإجماع -دخولاً أوليًا-: صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أشرنا إلى فضلهم ومكانتهم، فهم أحق من يدخل في مسمى أهل الإجماع، ثم يأتي -من بعدهم- من اتبع سبيلهم، واتبع الكتاب والسنة، وكان مستقيمًا في دين الله -عز وجل-، ممن عُرف فضله، وعُرفت مكانته، وكان له قدم صدق في هذه الملة العظيمة: من التابعين والأئمة والعلماء الأكابر، الذين انتشر لهم حسن الثناء في هذه الأمة.

وأهل الإسلام يعتقدون أن الإجماع لا يكون إلا مبنيًا على نص، ولا يجوز أن يكون مخالفًا لنص؛ لأن النص الذي يجيء عن الله أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- لا يكون إلا حقًا، وقد عرفنا من إجماع الأمة أنه لا يكون إلا حقاً؛ فكيف يتضاد الإجماع مع النص؟! وكيف يتصور في هذه الأمة -التي يكون إجماعها حقًا- أن تخالف نصا عن الله أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟! أو أن تأتي -هكذا من تلقاء نفسها- فتجمع على أمر ليس من دين الله -عز وجل-؟!

فلا يكون الإجماع إلا مبنيًا على نص، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، سواء كان ظاهرًا أم خفيًا؛ والعلماء مداركهم تتفاوت: فمن أهل الإجماع من يكون قوله مبنيًا على اجتهاد، ويتوصل غيره منهم إلى أن هذا الاجتهاد مبني على نص؛ فعاد الإجماع إلى نص ولا بد.

وأما الرافضة؛ فهم أبعد الناس عن ذلك، فالإجماع -عندهم- يجوز أن يقع على خلاف النص، ويجوز أن يقع على تبديل النص وكتمانه وتحريفه!! هكذا ادّعوا في الصحابة -كما عرفت، وكما سنعرف-، وجوّزوا على الأمة أن ترتدّ بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأن تكتم شيئًا من الدين -بل كثيرا من الدين-، وأن تتواطأ على الخيانة واغتصاب الحقوق؛ والإجماع -عندهم-: إجماع معصوميهم، الذين ليسوا كذلك أصلا -كما سنعرف-؛ فهذا هو موقف الرافضة من الإجماع.

ثم يأتي -من بعد ذلك- المصدر الرابع والأخير، وهو: القياس.

والقياس هو: إلحاق شيء بشيء، أوتشبيه شيء بشيء: أن تأتي إلى شيء ليس فيه نص، فتلحقه بشيء فيه نص؛ هذا هو معناه العام، حتى لا نخوض في تفاصيل ذلك.

فالقياس إذا كان هكذا، وكان مستوفيًا لشروطه المقررة المحكمة؛ فهو حق وصدق وهدى ورشاد -بنص الكتاب والسنة-.

يقول الله -عز وجل-: ﴿ اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ﴾ [الشورى: 17]، ويقول تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ [الحديد: 25]، والميزان -كما بين أهل العلم- هو القياس الصحيح، فالقياس الصحيح من الميزان، من العدل والقسط الذي أنزله الله -عز وجل-، وأمر عباده به.

وما أكثر ما أمر الله تعالى عباده بالتفكر والاعتبار والاتعاظ، وما أكثر ما ضرب الأمثال في كتابه، وكذلك فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنته؛ فكل هذا يدل على حجية القياس؛ يقول -تعالى-: ﴿ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: 43]، وما أكثر ما تجد هذا في القرآن، في شأن المعتقدات، وأمور الآخرة، ونحو ذلك من المسائل العظيمة؛ كما في قوله -عز وجل-: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فصلت: 39].

وقد استعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- القياس في مناسبات كثيرة؛ كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وفي بُضْع أحدكم صدقة»، قيل: «يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟»، قال: «أرأيتم إن وضعها في حرام؛ أفما كان عليه وزر؟ فكذلك إن وضعها في حلال كان له أجر»، وجاءت امرأة إليه -صلى الله عليه وسلم- فقالت: «يا رسول الله، إني أمي نذرت أن تحج، وماتت ولم تحج؛ أيجوز لي أن أحج عنها؟»، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «أرأيتِ إن كان على أمك دين، أكنتِ قاضيتَه؟»، قالت: «نعم»، قال: «فدين الله أحق بالوفاء»؛ والأمثلة كثيرة جدًا.

وقد أجمع الصحابة أيضًا على استخدام المقاييس في أحكامهم وأقضيتهم -كما هو مبثوث في كتب أهل العلم-.

فالقياس -بهذا المعنى الذي نذكره- من مقتضى العقل الصريح والفطرة السوية، وأهل الإسلام يعتقدون -كما بسطناه أيضًا في مناسبة سابقة- أنه لا تعارض بين نقل وعقل قط، فلا يجوز أن يتعارض النقل الصحيح مع العقل السليم الصريح، ولا يجوز أن يكون هناك نص في الكتاب أو السنة على خلاف ما يقتضيه العقل السليم أو الفطرة السوية؛ فالله -سبحانه وتعالى- ما أنزل كتبه وما بعث رسله إلا بما تقتضيه الفطرة، فلا يجوز أن يتنافى هذا مع ذاك، ولا يجوز أن يتنافى الشرع مع العقل، ولو قُدِّر تعارض -في عقل شخص من الأشخاص-؛ فإن النقل مقدم على العقل؛ هذا معتقد أهل الإسلام.

وأما دين الرافضة؛ فكما نُبِذَ فيه المنقول الصحيح، فقد نُبِذَ فيه المعقول الصريح.

دين الرافضة -إخوة الإسلام- يتلخص في عبارة واحدة، صاغها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «ليس فيه عقل صريح، ولا نص صحيح»، ليس معهم نقل صحيح موثوق به، وليس معهم عقل صحيح ولا فطرة سوية؛ فمذهبهم أبعد المذاهب عن المعقول -كما أنه أبعدها عن المنقول-.

فهذه هي مصادر الأحكام في الإسلام -المتفق عليها-، وقد عرفتَ موقف الرافضة منها إجمالا؛ حتى يتسنى التفصيل بعد ذلك -إن شاء الله-.

فهذا تمهيد يوضح لك خطورة الرافضة وحقيقتهم: فإذا كان القرآن لا يعتبرون به، وإذا كانت السنة لا يعتبرون بها، وإذا كان الإجماع لا يعتبرون به، وإذا كان القياس لا يعتبرون به؛ فأي شيء بقي؟! على أي شيء يقوم دينهم؟!

إنه يقوم -كما ستعرف- على الكذب الصريح الذي لا يتصوره العقل ولا يقبله، وقد عرفنا شيئا من ذلك في معتقد ابن سبأ وأتباعه -من ادعاء الغلو في علي -رضي الله عنه- وادعاء الربوبية والتصرف فيه-؛ أفيقبل هذا عقل؟! أفيتفق هذا مع الفطرة؟! فكيف إذا عرفت ما سوى ذلك من الكذب الصريح والباطل المحض، الذي لا يتفق مع النقل ولا مع العقل؟!

فدين الرافضة -إخوة الإسلام- دينٌ مسخٌ، لا أصل له ولا حقيقة له؛ ولولا أنهم يستغلون عاطفة المسلمين، ولا يصرحون بحقيقة دينهم إلا لمن يستجيب لهم؛ لاندثروا من قديم؛ ولكنهم -كما عرفت خطتهم في خطة اليهودي ابن سبأ- يلعبون على وتر العاطفة دومًا: تعظيم أهل البيت وتوقيرهم ومحبتهم، ووصاية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحو ذلك من الأشياء؛ وأما حقيقة مذهبهم فلا يتصورها ولا يقبلها إنسان.

هذه مقدمة نتقدّم بها -إن شاء الله تعالى- بين يدي الكلام على مراجع الرافضة:

إذا كانت الرافضة قد اتخذت هذا الموقف من مراجع الإسلام الصحيحة -وكما سنفصله أيضًا من بعد في بيان معتقدهم في كل مصدر هذه المصادر على حدة-؛ فعلى أي شيء قام دينهم؟! هذا هو ما سنعرفه -إن شاء الله-؛ ونعوذ بالله من كل فتنة وكل شر.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار؛ اللهم أحسن خاتمتنا، اللهم أحسن خاتمتنا، اللهم أحسن خاتمتنا، وتوفنا على ما تحبه وترضاه من القول والعمل -يا رب العالمين-؛ اللهم أخرجنا من هذه الدنيا على الإسلام والسنة، غير فاتنين وغير مفتونين، ولا مبدلين ولا مغيرين؛ إنك ولينا ومولانا، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم؛ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

لتحميل الخطبة منسقة وبصيغة بي دي إف، اضغط هنا

   طباعة 
0 صوت