البيان ال"/>
إبحث في الموقع
البحث في
عدد الزوار
انت الزائر :542706
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0الزوار :
تفاصيل المتواجدون

تفريغ الخطبة الخامسة عشرة من البيان الرفيع لدين الرافضة الشنيع

المقال
تفريغ الخطبة الخامسة عشرة من البيان الرفيع لدين الرافضة الشنيع
2877 زائر
20/07/2013
أبو حازم القاهري السلفي

البيان الرفيع

لدين الرافضة الشنيع

(الخطبة الخامسة عشرة)

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].

أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله -تعالى-، وخير الهُدى هدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فنعود -كَرَّة أخرى- إلى «البيان الرفيع لدين الرافضة الشنيع»؛ رجاء سرعة إتمامه -بحسب الإمكان-؛ فإننا مقبلون -بعد الفتن الأخيرة- على مرحلة لا يعلم حقيقتها إلا الله، وستواجهنا فيها الكثير من القضايا الواجب إيضاحها؛ إقامة لفريضة النصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ مهما كثُر المخالفون والمخذلون؛ فإننا إنما نؤدي ما افترضه الله علينا، ولا نبتغي إلا وجهه وحده لا شريك له، فلسنا نبتغي مرضاة أحد من الخلق، ولسنا نحرص على ما لم يكلفنا الله به من هدايتهم، لاسيما إذا ظهر الإعراض، وتبيّن العناد؛ وإلى الله مرجع العباد.

وكنا قد توقفنا -في ذكر دين الرافضة- عند ذكر موقفهم من الإيمان باليوم الآخر، ونحن نذكر -في مقامنا هذا- موقفهم من الإيمان بالقدر، الذي هو آخر أركان الإيمان.

ولا بد من البداءة بذكر الموقف الحق من هذا الركن العظيم:

فاعلم أن الإيمان بالقدر لا يتحقق إلا بتحقيق أربع مراتب:

الأولى: الإيمان بعلم الله الأزلي الشامل، فعلمه سابق على الأشياء، محيط بجميعها، يعلم الأشياء قبل وقوعها، وعلمه محيط بصغيرها وكبيرها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ [الأحزاب: 40]، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً﴾ [الطلاق: 12].

الثانية: الإيمان بكتابة المقادير، فكل شيء عند ربك مكتوب، وكل أمر عند سيدك مسطور؛ كما قال سبحانه: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾[يس: 12]، وقال جل وعلا: ﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: 22] ، وقال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: « إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: «اكتب»، قال: «ربِّ وما أكتب؟»، قال: «اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة».

الثالثة: الإيمان بقدرة الله ومشيئته الشاملتين النافذتين، فربك على كل شيء قدير، لا يعجزه عن مراده صغير ولا كبير، وهو الفعال لما يريد، لا يحدث شيء في كونه إلا بمشيئته، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحشر: 6]، وقال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ ﴾ [فاطر: 44] ، وقال جل وعلا: ﴿فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ [البروج: 16]، وقال سبحانه:﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82].

الرابعة: الإيمان بخلق أفعال العباد، فالله خالق أفعالهم -كما هو خالق ذواتهم-، وهو الذي بيده أمرهم: يهدي من يشاء، ويضلّ من يشاء، ويُسعد من يشاء، ويُشقِي من يشاء؛ كما قال تعالى: ﴿يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ﴾[فاطر: 8]، وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾[الصافات: 96]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يصنع كل صانع وصنعته».

وللعباد قدرة واختيار، بهما يأتون أفعالهم، ويحاسبون ويجازون عليها؛ كما قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [فصلت: 40]، وقال تعالى: ﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾[الكهف: 29]؛ إلا أن مشيئتهم تبع لمشيئة الله؛ كما قال جل وعلا: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ ﴾[الإِنسان: 30]، والله سبحانه إنما يهديهم ويضلهم على حسب اختيارهم؛ كما قال سبحانه: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى .وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: 5- 10].

هذا جامع المعتقد الحق في القدر.

وأما معتقد الرافضة؛ فهو كمعتقد المعتزلة نفاة القدر، فالرافضة لا يؤمنون بالقدر، ولا يثبتونه على جادة أهل الحق.

وحتى نتفهّم ذلك؛ لا بد أن نعرف أن نفاة القدر -الذين يقال لهم: «القدرية»- على قسمين:

أحدهما: من ينكر العلم والكتابة، ويقول: إن الله تعالى لا يعلم الشيء حتى يقع! وهؤلاء هم القدرية الأوائل، الذين نبغوا في أواخر عهد الصحابة، وخوطب في شأنهم عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، لما قيل له: «قد ظهر قبلنا أناس، يقرءون القرآن، ويتقفرون العلم، وإنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنُف»، فقال عبد الله -رضي الله عنه-: «إذا لقيت أولئك؛ فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر؛ لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبًا؛ ما تُقبل منه حتى يؤمن بالقدر».

وأما القسم الثاني: فهو الذي يثبت العلم والكتابة؛ ولكنه ينكر عموم المشيئة والخلق، فيقول: إن الله -جل وعز- لا يشاء الشر، ولا يقدر على أفعال العباد، ولا يخلقها، ولا يهدي ولا يضل أحدًا؛ بل العباد هم الخالقون لأفعالهم، والمستقلون بالهداية والضلال، لا سلطان لله عليهم في شيء من ذلك.

والرافضة -في ظاهر أمرهم- يدخلون في هذا القسم الثاني -وفاقًا للمعتزلة-، وإن كانوا قد انفردوا عنهم بأمر، يؤول إلى إلحاقهم بالقسم الأول -كما سترى-.

قال ابن بابويه في «اعتقاده»: «اعتقادنا في أفعال العباد: أنها مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، ومعنى ذلك: أنه لم يزل الله عالمًا بمقاديرها»!!

فحقيقة القدر عندهم هي حقيقة القدر عند المعتزلة: مجرّد العلم، من غير عموم مشيئة ولا خلق، فالقدر عندهم مجرد علم الله بأفعال العباد، من غير أن يكون له قدرة عليها، ولا خلق لها.

وقال العاملي: «باب أنّ الله سبحانه خالق كلّ شيء؛ إلا أفعال العباد»!!

قبحه الله من استثناء واستدراك على الله! يقول الله -عز وجل-: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾[الزمر: 62]، ثم تأتي القدرية والمعتزلة، فتستدرك وتقول: إلا أفعال العباد!!

وقال العاملي - أيضًا- : «مذهب الإماميّة والمعتزلة: أنّ أفعال العباد صادرة عنهم، وهم خالقون لها»!!

وقال المجلسي: «اعلم أنّ الذي استفاض عن الأئمّة هو نفي الجبر والتّفويض، وإثبات أمر بين الأمرين».

ثم قال: «وأما التفويض؛ فهو ما ذهب إليه المعتزلة من أنه تعالى أوجد العباد، وأقدرهم على تلك الأفعال، وفوض إليهم الاختيار، فهم مستقلون بإيجادها -وفق مشيئتهم وقدرتهم-، وليس لله في أفعالهم صنع»!!

ظاهر هذا الكلام يتناقض مع ما سبق؛ فإنه يحكي مذهب المعتزلة، ويسمّيه «تفويضًا»، ثم يقول: إن الرافضة لا تثبته؛ بل تثبت أمرًا وسطًا بينه وبين الجبر؛ فكيف نجمع بين هذا وبين ما سبق؟!

وليس هذا فقط؛ بل جاء في «تفسير القمي» عن أحد أئمتهم: «القدرية الذين يقولون: لا قدر، ويزعمون أنهم قادرون على الهدى والضلالة، وذلك إليهم: إن شاءوا اهتدوا، وإن شاءوا ضلوا؛ وهم مجوس هذه الأمة، وكذب أعداء الله؛ المشيئة والقدرة لله ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ، فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ﴾ [الأعراف: 30]، من خلقه الله شقيًا يوم خلقه؛ كذلك يعود إليه شقيًا، ومن خلقه سعيدًا يوم خلقه؛ كذلك يعود إليه سعيدًا؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد في بطن أمه»؛ وهذا إنما يُعرف من كلام ابن مسعود -رضي الله عنه-، ولا يصح مرفوعًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فهذا نص آخر عن الرافضة يؤكد تناقضهم في هذا الباب، وأن آخر كلامهم يكذّب أوله؛ كما هو شأنهم، وقد عرفنا نماذج لهذا.

أسأل الله أن يعافيَنا من الضلال كله؛ أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

* الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

سنذكر الآن ما انفرد به الرافضة في شأن القدر، مما يؤول إلى الطعن في علم الله -عز وجل-، فيلحقهم بالقدرية الأوائل.

وذلك يتمثل في عقيدة من أهم عقائدهم، يُقال لها: «البداء»، وهذا البداء يعتقدونه في حق الله -عز وجل-، فيقولون: إن الله -تبارك وتعالى- يقع منه البداء، ويحصل له.

والبداء -في اللغة- هو: الظهور بعد الخفاء، يقال: بدا لي كذا؛ أي: ظهر وتبيّن -بعد إذ كان خافيًا-.

فحقيقة البداء -عند الرافضة-: أن الله تعالى يخفى عليه الشيء ثم يبدو له!! تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

فهذا قدح في علم الله -سبحانه وتعالى-، يؤول إلى إلحاق الرافضة بالقدرية الأوائل نفاة العلم؛ فإن من طعن في علم الله -عز وجل- لا ينفعه إثباته إياه، ويصير كمن أنكره سواء.

وعقيدة البداء -في الأصل- عقيدة يهودية، وقد عرفتَ أن مؤسس الرافضة: عبدُ الله بن سبأ، اليهودي الخبيث المتأسلم، وقد تطابقت كتب المذاهب والفرق على نسبة القول بالبداء إلى السبئية، وأصله -كما أشرتُ إليه- في التوراة المحرّفة.

فقد جاء في «سفر التكوين» منها: «فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض، فندم الرب على خلقه الإنسان على الأرض، وتنكد بقلبه، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته عن وجه الأرض»!!

ولا يُستغرب هذا ممن قالوا: إن الله فقير، ونحن أغنياء!! وقالوا: يد الله مغلولة!! ويقولون في صلواتهم: «أيها الرب، أَفِقْ من غفلتك»!! لا يُستغرب من هؤلاء أن يدّعوا في حق الله -عز وجل- أنه ندم وتنكّد، وبدا له الأمر -بعد إذ كان خفيًا عنه-؛ وإنما العيب أن يعتقد هذا من ينتسب إلى قبلة المسلمين ودينهم، ويقول - زعم- : «لا إله إلا الله، محمد رسول الله».

وقد ورث هذا القولَ عن ابن سبأ: المختارُ الثقفي الكذاب، الذي ذكرنا شأنه من قبل، وقلنا: إنه ادّعى النبوّة؛ فهو الذي أظهر هذه العقيدة بشكل أكبر عند الرافضة، وذلك أن مصعب بن الزبير أرسل جيشًا قويًا لقتال المختار وأتباعه، فبعث المختار إلى قتالهم أحمد بن شميط مع ثلاثة آلاف من المقاتلة، وقال لهم: «أُوحي إلي أن الظفر يكون لكم»، فهُزم ابن شميط -فيمن كان معه-، فعادوا إليه فقالوا: «أين الظفر الذي قد وعدتنا؟»، فقال المختار: «هكذا كان قد وعدني، ثم بدا!! فإنه -سبحانه وتعالى- قد قال: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾[الرعد: 39].

وهذه جادة الرافضة في تبرير تناقضاتهم؛ فإنهم يدّعون العصمة في الأئمة، وقد ثبت عندهم أن الأئمة أقوالهم متناقضة، يقولون الشيء ثم يظهر خلافه؛ فكيف يتفق هذا مع العصمة؟! فحتى يبرروا هذه المسألة؛ اختلقوا فرية البداء، ونسبوها إلى الله -عز وجل- حتى يبرروا تناقض أئمتهم واختلاف أقوالهم.

وقد بلغ من تعظيم البداء عندهم شأنٌ عظيم؛ حتى جاء في كتبهم: «ما عُبد الله بشيء مثل البداء»!! و«ما عُظِّم الله -عز وجل- بمثل البداء»!! و«لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر؛ ما فَتَرُوا من الكلام فيه»!! و«ما بعث الله نبيًا قط إلا بتحريم الخمر، وأن يقر لله بالبداء»!!

كل شيء من ضلالاتهم وموبقاتهم قد بُعث به جميع الأنبياء!! بُعث جميع الأنبياء بالدعوة إلى علي!! وبُعث جميع الأنبياء بأخذ الميثاق على طاعة الأئمة!! وبُعث جميع الأنبياء بإثبات البداءة لله!!

فنعوذ بالله من ذلك، ونعوذ بالله من دين هذه صفته.

وجاء في «البحار» عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله -عليهما السلام-: «يا أبا حمزة، إن حدثناك بأمر أنه يجيء من هاهنا، فجاء من هاهنا؛ فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث، وحدثناك غدًا بخلافه؛ فإن الله يمحو ما يشاء ويُثبت»!!

هكذا تختلق الرافضة وتنسب للأئمة؛ حتى يبرروا التناقض والاختلاف.

ومع ذلك -وكما هو شأنهم ودأبهم-؛ فقد جاء في كتبهم ما يخالف عقيدة البداء!!

ونحن نكتفي بمثال واحد، وهو: ما جاء في «توحيد» ابن بابويه: سئل أبو عبد الله - عليه السّلام -: «هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس؟»، قال: «لا، من قال هذا؛ فأخزاه الله»، قيل: «أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، أليس في علم الله؟»، قال: «بلى، قبل أن يخلق الخلق».

فهؤلاء الأئمة يثبتون -كما هو في كتب الرافضة- أن الله -عز وجل- لا يخفى عليه شيء، ولا يبدو له شيء، ولا يظهر له شيء كان عنه -من قبل- خفيًا؛ فأي شيء نصدّق عند الرافضة؟! وبأي شيء نثق عندهم؟!

ولهم ها هنا شبهة يحسن الكلام عليها، وهي: دعواهم أن البداء من قبيل النسخ.

وهذا يلبسون به على عوام المسلمين، يقولون: أتنكرون علينا البداء، وعندكم نسخ؟!

والله تعالى أثبت النسخ في كتابه: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ [البقرة: 106]، وإجماع الأمة على إثبات النسخ في الديانة والشريعة -خلافًا لليهود كذلك-.

فالرافضة يدّعون أن البداء من قبيل النسخ، وذلك باطل من وجهين:

الوجه الأول: أن حقيقة البداء -كما عرفت- ظهور بعد خفاء، وليس هذا في النسخ ؛ فالله -سبحانه وتعالى- يعلم الناسخ أزلاً، وهو مستقر عنده قبل أن يبينه للخلق، فالله -عز وجل- علم الناسخ والمنسوخ أزلاً، وكل هذا مستقرٌ عنده -جلّ وعلا-؛ ولكنه يؤخر البيان للخلق -بحسب المصلحة والحكمة-.

الوجه الثاني: أن النسخ لا يثبت إلا بنص شرعي، وقد عرفتَ موقف الرافضة من نصوص الشريعة -كتابًا وسنة-، وأنّ دينهم -في الحقيقة- يقوم على أقوال أئمتهم، الذين يدّعون فيهم العصمة -كذبًا وزورًا-، مع أنهم لا يمكنهم إثبات شيء من أقوالهم أصلاً؛ فدينهم - كما ذكرنا-: نقلٌ لا يُعلم ثبوته، عن شخص لا تُعلم عصمته؛ أفيثبت بهذا نسخ؟! لو جاء كلام هذه صفته، وفيه: أن الله -عز وجل- نسخ كذا، أو حكم بكذا، أو شرع كذا؛ أكنت تصدقه -وهو لا يثبت من الأصل، ولا يصدر عن شخص تُعلم عصمته، ويحصل الوثوق به-؟!

فهذان وجهان يفترق به البداء عن النسخ، وثانيهما يسقط به دين الرافضة -من أوله إلى آخره-.

وفي الختام أقول:

اتقوا الله -معاشر الصائمين-، اتقوا الله -معاشر المسلمين-، حافظوا على صيامكم، وحافظوا على حيائكم من ربكم، ولا تكونوا من الفاجرين المستهترين، الذين قلّ الحياء في قلوبهم من الله ومن الناس، فبارزوا ربهم بالإفطار، وآذوا المسلمين الصائمين، ولم يراعوا حرمات الله؛ فيوشك أن يذلهم الله، وينزل بهم أليم عقابه.

وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « أتاني رجلان، فأخذا بِضَبْعَيَّ، وصعدا بي جبلًا، فقال لي: «اصعد»، فقلت: «لا أطيقه»، فقالا: «إنا نسهّله عليك»، فصعدتُ، حتى إذا كنتُ في سواء الجبل؛ إذا أنا بأصوات شديدة، قلتُ: «ما هذا؟»، قالا: «هذا عواء أهل النار»، ونظرتُ، فإذا أنا بقوم معلقين من عراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلتُ: «من هؤلاء؟»، قالا: «الذين يفطرون قبل تحلّة صومهم».

هذا حال من صام ثم أفطر؛ فكيف بمن لم يصم أصلاً؟! وكيف بمن تجاهر بالإفطار لا يرجو لله وقارًا؟! وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كل أمتي معافىً؛ إلا المجاهرين».

والبلية: أن المجاهرة بالإفطار قد زادت في شهرنا هذا، في عامنا هذا، بعدما مرّ من الفتن خاصة؛ فعلام يدل هذا؟!

ألهذا الحد نفر الناس عن الدين؟! ألهذا الحد ضاعت الخشية والتقوى؟! ألهذا الحد ذهب الحياء وغُيبت القِيم؟! أيدفعنا بغضنا لأناس ينتسبون إلى الدين إلى محاربة الله رب العالمين؟!

ألا خاب الناس وخسروا -لو حاربوا ربهم-! ألا ضاعوا وذلوا -لو كرهوا دينهم-! سحقًا لهذا التفكير المريض، الذي يدفع امرءًا إلى إهلاك نفسه؛ بغضًا لامرئ مثله!

أيها المسلمون! إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد! لو استمرّت أحوال الناس هكذا؛ فليكونن غضب الله، وقد قال الله -جل وعلا-: ﴿ وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ [طه: 81]؛ فهل تنتظرون -حينئذ- إلا وباء قاتلاً، أو غلاءً فاحشًا، أو فقرًا مدقعًا، أو زلزالًا مدمرًا، أو خسفًا مهلكًا، أو سيلاً مغرقًا، أو الساعة -والساعة أدهى وأمرّ-؟!

فيا عباد الله! اشتروا أنفسكم من الله، وأنقذوها من عذاب الله، وبادِروا قبل تُبادَروا، و﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ﴾ [الأنعام: 134].

اللهم قد بلغتُ، وتبرأتُ من كل ما لا يرضي الله؛ حتى إذا أراد الله بعباده هلاكًا؛ أنجاني!

اللهم اكشف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اكشف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اكشف الغُمة وارفع الفتنة، اللهم اكشف الغُمة وارفع الفتنة، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنّا، ولا تسلط علينا بذنوبنا بلاءً لا نطيقه. اللهم اكشف عنا البلاء، اللهم اكشف عنا البلاء، اللهم اهدِ عبادك بما فيه صلاحهم، اللهم نجِّنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. إنك ولينا ومولانا وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

لتحميل الخطبة منسقة وبصيغة بي دي أف، اضغط هنا

   طباعة 
0 صوت